الجمعة، أغسطس 19، 2011

لماذا تجلى موسى و ايليا مع السيد المسيح على جبل طابور




جيد يارب ان نكون ههنا ..
+ على جبل طابور أخذ السيد المسيح ثلاثة من تلاميذه وتجلى أمامهم فقال له القديس بطرس جيد يارب ان نكون ههنا


{ وبعد ستة ايام اخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا اخاه وصعد بهم الى جبل عال منفردين.وتغيرت هيئته قدامهم واضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور. واذا موسى وايليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه} مت 1:17-3.

- حقا ما ابهج ان يسمو الانسان ويرتفع ويحيا فى الحضرة الإلهيٌة ويعاين مجد الرب ويحيا مذاقة المجد الأتى، ان هؤلاء التلاميذ يمثلوا الايمان والجهاد والمحبة فنحن لكى نعيش التجلى لابد لنا ان نحيا الإيمان العامل بالمحبه على قدر طاقتنا ، كما ان ظهور موسى وايليا يمثلان الحلم والوداعة مع الغيرة والجهاد فنحن نحتاج الى حلم ووداعة موسى النبى لكن لا فى تراخى او كسل بل فى غيرة نارية وعمل روحى دائم للانطلاق نحو السماء لنحيا أمجاد التجلي . ان الله فى محبته يريد ان يجذبنا اليه لنعاين مجده ونسعد بلقياه ونشهد للاهوته ونحيا مذاقة الملكوت ونحن على الارض لنعبده بالروح والحق ونعد نفوسنا بالتوبه والأيمان والفضيلة للحياة معه والوجود فى حضرته كل حين .
+ التجلّي اذا هو دخول بالنفس إلى تذوّق الحياة الأخرويّة، لترى مجد ربها والهها قادمًا في ملكوته، معلنًا لها أمجاده بالقدر الذي يمكنها أن تحتمله وهي بعد في الجسد. هذا العمل الإلهي الذي تحقّق بطريقة ملموسة على جبل طابور ويتحقّق بصورة أو أخرى داخل القلب من حين إلى آخر، لكي يجذب الله نفوسنا نحو العُرس الأبدي لكي نشتاق إلى الانطلاق نحو الحياة الإبدية، ويمنحنا دفعة روحيّة قويّة تسندنا في حمل الصليب والشهادة للسيّد المسيح.ان الله يدعونا جميعا لمعاينة مجده داخلنا {ولا يقولون هوذا ههنا او هوذا هناك لان ها ملكوت الله داخلكم }(لو 17 : 21).

- ولكى يحل المسيح بالايمان فى قلوبنا يجب نسمو ونتطهر من الخطايا والصغائر ونفتح له القلب بالإيمان وندعوه ليكون مصدر سعادتنا وفرحنا فى محبة صادقة وتبعية أمينه وتأمل فى صمت فى إنجيله فسياتى الينا ولا يبطئ.
+ التجلّي هو إعلان للملكوت السماوى الممتد فوق كل حدود الزمان، تتذوقه النفس البشريّة التي قبلت أن تكون إيجابيّة وعاملة مع المسيح بحمل الصليب وتبعيتها له ، والدخول معه إلى الموت يوميًا للتمتّع بقوة قيامته. إنه يمثّل دفعه قويّة يهبها الملك المسيّا لجنوده الروحيّين للجهاد المستمر ضدّ إبليس وأعماله، ليهب فيهم الحنين نحو المكافأة الأبديّة والتمتّع بشركة الأمجاد السماويّة. فالتجلّي الذي تحقّق مرّة في حياة ثلاثة من التلاميذ، صار رصيدًا قدّمه السيّد لحساب الكنيسة كلها، تسحب منه كل يوم فيتزايد. تطلبه فتجده خبرة يوميّة تقويّة، يعيشها المؤمن من خلال المحبة وطاعة الوصية سواء في عبادته الجماعيّة أو العائليّة أو الشخصيّة، كما يتذوّقها أثناء جهاده او تأمله وصلواته أو في تعامله مع الأتقياء كما مع الأشرار. إنه لقاء مستمر مع ربّنا يسوع المسيح على الدوام، فيه يكشف أمجاده جديدة في كل لحظة من لحظات حياتنا، حتى نلتقي به وجهًا لوجه في مجيئه الأخير.
حديث التجلى ...
+ لقد فرح التلاميذ بالتجلى وارادوا ان يحيوا فى الحضرة الإلهيٌة حيث مجد الابن الوحيد معلن لهم ومصدر سعادتهم، لكن السيد المسيح اراد ان يعلن لهم مجد الوهيته حتى لا يعثروا او يشكوا فيه عندما يرونه يسلم الى ايدى الناس ويهان ويصلب ، لهذا ظهر معه موسي وايليا وكان حديثهم مع المخلص عن الفداء الذى سيتم فى اورشليم

{واذا رجلان يتكلمان معه و هما موسى وايليا.اللذان ظهرا بمجد وتكلما عن خروجه الذي كان عتيدا ان يكمله في اورشليم} لو 30:9-31.

- لقد حضر التجلى موسى النبى الذى يمثل الشريعة وايليا ممثلا للانبياء ليعلن لنا السيد نفسه انه غاية الشريعة ومركز النبؤات وله سلطان على الموت والحياة، وأنه المدبِّر في الأعالي وعلى الإرض، لهذا جلب موسى الذى مات منذ مايذيد عن الف وثلثمائة عام ، ومن لم يُعاني من الموت وانتقل حيا وهو ايليا النبى .
+ان التجلّي يرتبط بأحداث الصلب والقيامة، فإنه لا يمكن للمؤمن أن يرتفع على جبل التجلّي ليرى بهاء السيّد ما لم يقبل صليبه ويدخل معه آلامه ليختبر قوّة قيامته فيه، فيُعلن الرب أمجاده له. ومن جانب آخر ما كان يمكن للتلاميذ أن يتقبّلوا آلامه ويُدركوا سرّ قيامته ما لم يريهم مجد التجلّي. إذ تحدّث الرب كثيرًا عن المخاطر التي تنتظره وآلامه وموته، وعن موت التلاميذ والتجارب القاسية التي تلحق بهم في الحياة، كما حدثهم عن أمور صالحة كثيرة يترجّونها، من أجلها يخسرون حياتهم لكي يجدوها، وإنه سيأتي في مجد أبيه ويهبنا الجزاء، لهذا أراد أن يُظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، فيروا بأعينهم ويفهموا قدر ما يستطيعون، لهذا أظهر لهم ذلك فى تجليه .
+ لقد ظللت االسحابة النيٌرة جبل طابور وهي تُشير إلى الحضرة الإلهيّة ، هذه التي كانت تملأ جبل سيناء حين قدّم الرب الناموس لموسى (خر 24: 15)، وكانت تملأ خيمة الاجتماع عندما كان الله يتحدّث مع موسى، وسيأتي السيّد المسيح في مجيئه الأخير فى سحابة نيٌرة، فإن السحابة هنا إعلانًا عن عمل التجلّي في حياة المؤمنين.
{ فيما هو يقول ذلك كانت سحابة فظللتهم فخافوا عندما دخلوا في السحابة.و صار صوت من السحابة قائلا هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا} لو 34:9-35.

فالنفس إذ تلتقي بالسيّد وتتعرَّف على أسراره قدر ما تحتمل، تستنير أكثر فأكثر بإعلانات سماويّة داخليّة. فتسمع صوت الآب: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت له اسمعوا". هذا هو أعظم إعلان يتقبّله الإنسان من الله في أعماق قلبه، وهو إدراك بنوّة المسيح للأب كنور من نور ، فتذوب نفسه داخليًا خلال اتّحادها بالابن الوحيد، وتشعر بدفء الحب الإلهي، وتتلمّس رضا الله الآب لها في الابن ، فتسمع لصوت الآب، وتخضع لعمل المسيح فيها بكونه رأسها، لا يطلب المسيحي إعلانات ملموسة يفخر بها، إنّما هذا هو جوهر إعلان الآب للنفس البشرية ان تؤمن بالابن الكلمة المتجسد من اجل خلاصنا .
+ لقد تمتّعت القدّيسة مريم بالسحابة النيِّرة في أجلَى صورها، بطريقة فريدة حينما حلّ عليها الروح القدس ليظلِّلها بالقوّة الإلهيّة الفائقة. {الروح القدس يحلّ عليك وقوَّة العليّ تظلِّلك}. هذه السحابة النيِّرة، أو الروح القدس الناري يهب المؤمنين استنارة للبصيرة الداخليّة لمعاينة المجد الإلهي للابن الوحيد، ويفتح الأذن لسماع صوت الآب، الذي يكشف لنا "سرّ المسيح" الذي صار فينا بالمعموديّة، فنحرص بالروح أن نبقى في حالة توبة مستمرّة وطاعة، لننعم بسرور الآب ونسمع صوته الأبوي.
+ لقد خاف التلاميذ وسقطوا على وجوههم ولكن السيد المسيح بدد خوفهم وكان هو سلامهم {ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جدا.فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا.فرفعوا اعينهم ولم يروا احدا الا يسوع وحده} مت 6:17-8. سقوط التلاميذ على وجوههم وخوفهم يذكرنا بما حدث على جبل سيناء عندما حل الرب بمجده على الجبل{ و كان جميع الشعب يرون الرعود والبروق وصوت البوق والجبل يدخن ولما راى الشعب ارتعدوا ووقفوا من بعيد. وقالوا لموسى تكلم انت معنا فنسمع ولا يتكلم معنا الله لئلا نموت.فقال موسى للشعب لا تخافوا لان الله انما جاء لكي يمتحنكم ولكي تكون مخافته امام وجوهكم حتى لا تخطئوا.فوقف الشعب من بعيد واما موسى فاقترب الى الضباب حيث كان الله} خر18:20-21.







-
 ان سقوط التلاميذ على وجوههم يُعلن عن سقوط كل البشريّة ، وعجزها التام عن القيام والالتقاء مع الله، إذ صارت وجوههم في التراب ساقطة، لا تقدر على معاينة الأمجاد السماويّة. وحلول الخوف الشديد فيهم يُشير إلى فُقدان السلام الحقيقي فى البعد عن الله ، لذلك جاءهم يسوع إشارة إلى نزوله إلينا، ومدّ يده مؤكِّدًا تجسّده. أمّا لمسه إيّاهم، فهو علامة حلوله في وسطنا كواحد منّا، يقدر أن يمدّ لنا يده فنقبلها.

أخيرًا بسلطان أقامهم ونزع الخوف عنهم. حقًا لقد ظهرت قصّة سقوط الإنسان وقيامه خلال عمل الله الخلاصي واضحة على جبل التجلّي. وكأن سرّ التجلّي إنّما هو سرّ إعلان الله الدائم فينا، بكونه ابن الله المتجسّد المصلوب والقائم من الأموات، من أجلنا جاء ليقيمنا ونبتهج بعمله فينا. وإذ كان التلاميذ ساقطين منطرحين على الأرض وغير قادرين على القيام تحدّث معهم بوداعة ولمسهم. فبلمسه إيّاهم انصرف الخوف عنهم وقواهم.

من أقوال الاباء عن التجلى
+ العلاّمة أوريجينوس
:
أن السيّد أعلن لاهوته للذين صعدوا على الجبل العالي، أمّا للذين هم أسفل فظهر لهم في شكل العبد. إنه يسأل من يشتاق أن يتعرّف على حقيقة السيّد ويتجلّى قدامه أن يرتفع مع يسوع خلال الأناجيل المقدّسة على جبل الحكمة خلال العمل والقول، تعب بطرس من الجموع وقد وُجد على الجبل وحده معه يسوع خبز الروح، لكن لاق به أن يرجع مرّة أخرى للعمل محتملاً الألم، مقتنيًا الحب المقدّس من أجل الله.




+
 القدّيس يوحنا الذهبي الفم : إذ تحدّث الرب كثيرًا عن المخاطر التي تنتظره وآلامه وموته، وعن موت التلاميذ والتجارب القاسية التي تلحق بهم في الحياة... كما حدثهم عن أمور صالحة كثيرة يترجّونها، من أجلها يخسرون حياتهم لكي يجدوها، وإنه سيأتي في مجد أبيه ويهبنا الجزاء، لهذا أراد أن يُظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، فيروا بأعينهم ويفهموا قدر ما يستطيعون، لهذا أظهر لهم ذلك في الحياة الحاضرة بالتجلي.+
 القديس مارإفرام السرياني : القوم الذين قال عنهم أنهم لا يذوقون الموت حتى يعاينوا صورة مجيئه هم هؤلاء التلاميذ الثلاثة الذين أخذهم معه إلى الجبل، وأعلن لهم طريقة مجيئه في اليوم الأخير في مجد لاهوته وجسد تواضعه.وصعد بهم إلى جبل عال لكي يُظهر لهم أمجاد لاهوته فلا يتعثّروا فيه عندما يرونه في الآلام التي قبلها بإرادته، والتي احتملها بالجسد من أجلنا. صعد بهم إلى جبل لكي يُظهر لهم ملكوته قبلما يشهدوا آلامه وموته، فيرون مجده قبل عاره، حتى متى كان مسجونًا ومُدانًا من اليهود يفهمون أنه لم يصلب بواسطتهم عن عجز، بل لأنه سُرّ بصلاحه أن يتألّم لأجل خلاص العالم.
، أصعدهم إلى جبل لكي يُظهِر لهم قبل قيامته مجد لاهوته حتى متى قام من الأموات يدركون أنه لم يتقبّل هذا المجد كجزاء لعمله كمن لم يكن له هذا المجد، وإنما له هذا المجد منذ الأزل مع الآب والروح القدس. وكما سبق فقال عندما ذهب إلى الآلام بإرادته:
{الآن مجّدني أيها الآب بالمجد الذي لي قبل إنشاء العالم} (يو17: 9). أضاء وجهه ليس كما أضاء وجه موسى من الخارج، وإنما أشعّ مجد لاهوته من ذاته ومع هذا ظلّت أمجاده فيه. من ذاته يشع نوره ويبقى نوره فيه. إنه لا يأتيه من الخارج ليزيِّنه ولا يقبله لاستخدامه إلى حين، إنه لم يكشف لهم أعماق لاهوته التي لا تُدرك، وإنما كشف لهم قدر ما تقدر أعين التلاميذ أن تتقبّل وتميّز.
+

القديس أمبروسيوس: هلم نصعد على الجبل ونتضرّع إلى كلمة الله ليكشف لنا عن ذاته في مجده وجماله. إذ نعاين مجد الله بوجوه مكشوفة نتغير نحن أنفسنا إلى تلك الصورة عينها (2 كو 3: 8) ، لما كان الصوت وُجد يسوع وحده، فبعد أن كانوا ثلاثة وُجد يسوع وحده. رأوا في البداية ثلاثة، أما في النهاية فرأوا واحدًا. بالإيمان الكامل يصير الكل واحدًا كما طلب يسوع من الآب: "ليكون الجميع واحدًا" (يو 17: 21). ليس موسى وإيليا وحدهما واحدًا في المسيح، وإنما نحن أيضًا واحد في جسد المسيح الواحد (رو 12: 5)... ولعل هذا أيضًا يشير إلى أن الناموس(موسى) هو الرمز للشريعة والأنبياء (إيليا) مصدرهما الكلمة.. لأن غاية الناموس هي المسيح للبرّ لكل من يؤمن (رو 10: 4).
لتٌعلن لنا مجدك يارب ..
+ ايها الرب القدير ، واهب الأستنارة والحكمة ارفع قلوبنا لتعاين مجدك وارواحنا لتتحد بك وحواسنا لتعاين بهاء عظمتك وافكارنا لتستنير بمجد التجلى . حل بالإيمان فى قلوبنا لنعاين مذاقة الملكوت من الان لنشهد لكل أحد عن سبب الرجاء الذى فينا ، لتكون انت مصدر فرحنا ونور حياتنا وشمس برنا الدائم .
+ يارب هبنا ان نسمو عن الصغائر ونرتفع عن الخطايا ويكون قلبنا عليه مرتفعة سامية ومعدة لحضورك فيها ، لنشبع لا بولائم ارضية ولا بمتع العالم الزائلة بل بوجودك فى قلوبنا وباتحادنا بالإيمان بك ومعينة اسرارك الخفية ولاهوتك ومجدك السمائي . ليستنير انساننا الداخلى ويستضئ بمعرفتك لنحيا معك وتتمجد بالايمان فينا سواء فى طريق الآلم والجلجثة بحمل الصليب اوبالوجود على جبل التجلى أو بالعيش فى امجاد القيامة . فنصيبنا هو انت فى السماء ومعك لا نريد شئ الا ارادتك في حياتنا على الإرض.
+ ايها الرب الهنا ، نسألك من أجل كنيستك لتعلن مجدك فيها ويراه كل بشر، ونطلب عن كل نفس فيها ليتمجد أسمك القدوس فى حياتنا وباعمالنا واقوالنا ، نسألك من اجل بلادنا لتشرق بسلامك وبرك فيها وتباركها بكل بركة روحية لتكون نورا للعالم ومصدراً للاشعاع الروحى والفكرى والحضاري فى كل الارض.

بقلم : للأب القمص أفرايم الأورشليمى
تأملات فى عيد التجلى
منقول  http://www.christian-dogma.com/vb/showthread.php?t=119452

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق