الجمعة، يوليو 15، 2011

نياحة القديس العظيم الأنبا بيشوي كوكب البرية





في مثل هذا اليوم نياحة القديس العظيم الأنبا بيشوي كوكب البرية .
ولد القديس العظيم الأنبا بيشوي في عام 320 م في بلدة شنشنا في محافظة المنوفية بدلتا مصر وقامت والدته التقية بتربيته - بعد وفاة والده - مع أخوته الستة ، وكافئها الله علي حسن تربيتها لهم بأن أرسل ملاكه إليها واختار ابنها بيشوي ليكون خادمأ للرب طول أيام حياته . وبيشوي بالغة القبطية معناها "سامي" أو "عادل" وتلقبه الكنيسة في صلواتها وكتبها وتقليدها ب "الرجل الكامل حبيب مخلصنا الصالح" كما يلقب "بكوكب البريه" .
وفي عام 340م ، أي وعمره عشرون عاما ، ذهب إلي بريه شيهيت بالأسقيط حاليا وادي النطرون ، وتتلمذ علي يد القديس الأنبا بموا تلميذ القديس مقاريوس الكبير ، وصار أخا روحيا للقديس يوحنا القصير صاحب شجرة الطاعة . الذي غرس عصا جافة طاعة لمعلمه الأنبا بموا فنمت وصارت شجرة مثمرة ببركة طاعته .
وعندما تنيح الأنبا بموا ظهر ملاك الرب للأنبا بيشوي وأخبره بأن الله يريده أني يسكن منفردا في المنطقة المجاورة غرب منطقة القديس يحنس القصير لأنه سيصير أباً ومرشداً لكثير من الرهبان .فأطاع الأنبا بيشوي وسكن في مغارة (لازالت موجودة للآن في دير القديسة العذراء الشهير بالسريان) . وسرعان ما عُرف بفضائله فتكونت حوله جماعة رهبانية ، فكان بذلك بداية دير القديس العظيم الأنبا بيشوي الحالي .
ولشدة محبته لمخلصنا الصالح كان يود ان يواصل حديثه معه في الصلاة والحورار مع الله أطول وقت ممكن, فكان يربط شعر رأسه بحبل مدلي من سقف مغارته لأعلي لكي يستيقظ إذا نام ، ويواصل صلاته مع حبيبه ، لهذا الأمر يلقب "حبيب مخلصنا الصالح" . ولشدة حلاوة الصلاة والتأمل في الله كان ينسى الطعام المادي لعدة أيام مستعيضا عنه بالطعام الروحي من صلاة وتأمل وقراءة كلمة الله الحية .
وقد كان كل من يتقابل معه يمتلئ بالسلام والسعادة والطمأنينة ويعود فرحا سعيداً حتى انضم إليه جمع غفير بلغ حوالي2400 شخص ، عاشوا حياة السعادة الدائمة تحت إرشاده ، وسكنوا في مغارات منتشرة في الجبل كما كانوا يحيطون بالأنبا بيشوي مثل النحل حول الشهد (كما ورد في المخطوطات القديمة) . وهكذا تحقق وعد السيد المسيح له عندما ظهر له في مغارته وقال له ان الجبل كله سيمتلئ بالعباد تحت إرشاده .
كان عمالا نشيطا يأكل من تعب يديه حتى أنه قال لتلاميذه "لم أكل طعاما من إنسان . . . يا أولادي أعملوا بأيديكم لتعيشوا وتجدوا ما تتصدقون به علي الفقراء" .
ويذكر عنه دفاعه عي الإيمان حيث أنه أنقذ أحد المعلمين من هرطقة دينية دون جرح مشاعره وبطريقة بسيطة حكيمة ، وربحه هو وكل أتباعه .
ولم يكن فقط لطيفا متواضعا رقيق المشاعر لا يجرح مشاعر إنسان مهما كان ، بل كان أيضا يحترم إنسانية الجميع ، ويرق قلبه الحنون للفقراء المساكين حتى تلقب بالرجل الكامل .
وبقلب متضع كان يحمل أتعاب تلاميذه وضعفاتهم وهو ملازم للصوم لكي ما يقودهم لحياة الجهاد ، وكان يداوم الجهاد لكي ما يحفظ الله نفوسهم في الإيمان .
ومن تواضعه كان يغسل أقدام الغرباء والزائرين دون ان يعرف من هم أو حتى ينظر إلي وجوههم ، لذلك ظهر له الرب يسوع كأنه غريب (مثلما ظهر لإبراهيم أبي الآباء قديما) وغسل له الأنبا بيشوي قدميه الطوباويتين ولم يعرفه إلا عندما رأي جراح الصليب في قدميه .



وتلك هي السمة المميزة لدير الأنبا بيشوي التي لا توضح فقط تواضع ومحبة الرهبان لكل الناس بل وأيضا تبين ان التواضع والمحبة الصادقة يجعلان الله قريبا جدا منا .
ومن حنان قلبه الشفوق أنه حمل عجوزا في الطريق فإكتشف أنه هو السيد المسيح الممجد الذي وعده بأن جسده - أي جسد الأنبا بيشوي - الذي حفظه طاهرا ، وخدم به كل الناس ، والمحتاجين ، وضبطه بالتداريب والممارسات الروحية سيبقي بدون فساد لأنه حمل الرب يسوع ، وفعلا مازال جسده باق بلا فساد إلى الآن (وبدون تحنيط) .
ويذكر عنه أنه لم يجرح مشاعر إنسان كان يشوشر أثناء وعظ لأنبا بيشوي لأولاده ، فلما رأي هذا الإنسان سعة قلب القديس كف عن الشوشرة واعتذر .
كما كان زاهدا في المال ، فرفض ما جاء به أحد الأغنياء من ذهب وفضة (إذ أعلمه الله بحيلة الشيطان الذي أراد ان يصرفه عن العبادة) ونصح الرجل الغني ان يرجع بفضته وذهبه ويوزعه علي الفقراء والمحتاجين لينال بركة الرب . ولما انصرف الرجل الغني ورجع الأنبا بيشوي لقلايته صاح به الشيطان "آه منك . . . أنك تفسد جميع حيلي بزهدك" فأجابه القديس بإتضاع ومسكنة "منذ ان سقوطك أيها الشيطان والله يفسد جميع حيلك ضد أولاده" .
وكان يحب أولاده الروحيين ، ويعاملهم كأب حنون ، كما كان يبكي علي الخطاة مثال أرميا النبي ، حتى تلقب بالأنبا ييشوي الأرامي . وظل يجاهد في الصلاة من أجل أحد تلاميذه الذي أخطأ حتى رجع وعاد إليه تائبا إلى الله .
وكثيرا ما كان يظهر له الرب يسوع لشدة محبته له ، وكان يعرف أمورا كثيرة بروح النبوة منها أنه عرف بمجيء الأنبا افرم السرياني من سوريا قبل ان يأتي ليزوره لِما سمعه عن روحانية الأنبا بيشوي العظيمة ، وقد طلب قديسنا من السيد المسيح ان يعطيه لسانا سريانيا حتى يتحدث مع الضيف السرياني ، وقد كان .
وعند هجوم البربر الأول علي البرية حوالي عام 407 م لم يشأ الأنبا بيشوي ان يبقى بالدير لئلا يقتله أحد البربر فيهلك البربري بسببه ، فنزح مع مجموعة من رهبانه إلي الصعيد (أنصنا) وتصادق مع الأنبا بولا الطموهى وأسس ديراً كبيراً في بلدة دير البرشا مركز ملوي باق إلي الآن .
وفي 15 يوليو 417 م تنيح ودفن في منية صقر بأنصنا ( عند ملوي حاليا) . وبعد ثلاثة شهور تنيح القديس الأنبا بولا الطموهي في 7 بابة الموافق 17 أكتوبر ودفن بجواره حسب رغبتهما ، ثم نقل البابا يوساب الأول (البطريرك 52) (830 - 849 م) جسده الطاهر إلي ديره بوادي النطرون في 13 ديسمبر 841 م (4 كيهك 557ش) .
في 8 أبيب الموافق 15 يوليو من كل عام في ذكري نياحة القديس الأنبا بيشوي يحتفل الدير برأسه قداسة البابا الطوباوي الأنبا شنوده مع نيافة الأنبا صرابامون أسقف ورئيس الدير والأباء الرهبان بوضع الحنوط والأطياب علي جسدي القديسيين مع وجود جمع غفير من الشعب .
تاريخ الدير
1 . في أواخر القرن الرابع الميلادي تأسس الدير تحت قيادة القديس الأنبا بيشوي كتجمع رهباني ويشمل كنيسة الأنبا بيشوي وقلالي الرهبان وبئر مياة بدون أسوار .
2 . في أواخر القرن الخامس الميلادي تم بناء الحصن لحماية الرهبان من غارات البربر التى كانت تأتي من غرب مصر .
3 . في القرن التاسع الميلادي أقيمت الأسوار الحالية للدير علي مساحة حوالي 3 أفدنه
4 . في القرن الرابع عشر الميلادي قام البابا بنيامين الثاني البطريرك 82 الذي كان علي السدة البطريركية ما بين 1327 - 1339 م بعمل ترميمات واسعة للدير بسبب النمل الأبيض الذي عرض سقف الكنيسة للانهيار .
وكنوز الدير تتمثل في أجساد القديسين الموجودة حيث يوجد جسد القديس العظيم الأنبا ييشوي والأنبا بولا الطموهى في أنبوبة واحدة في المقصورة بالخورس الأول .كما يوجد جسد البابا بنيامين الثاني في نهاية الخورس الثالث من الجهة القبلية .
أما عن كنائس الدير فيوجد في الدير كنيسة الأنبا بيشوي ، وكنيسة الشهيد ابسخيرون القليني ، وكنيسة الأنبا بنيامينا البابا 52 من الجهة البحريه من كنيسة الأنبا بيشوي ، وكنيسة الشهيد العظيم مار جرجس من الجهة الغربية القبلية .
كما توجد المائدة القديمة غرب الكنيسة ، وبئر الشهداء أمام الكنيسة من الناحية البحريه وهي التي غسل فيها البربر سيوفهم بعد ان قتلوا 49 من الأباء الرهبان القديسين في دير القديس مكاريوس الكبير أثناء غارتهم الثالثة علي البريه سنة 444 م , وتذكار إستشهادهم 26 طوبة . ويوجد أيضا الحصن الذي بني في أواخر القرن الخامس الميلادي أثناء حكم الإمبراطور زينون ويتكون من ثلاثة طوابق ويتوسط الدير حديقة واسعة يحيطها عدة مباني .
وقد تعهد قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث عمران دير القديس الأنبا بيشوى فرسم له نيافة الأنبا صرابامون أسقفا ورئيسا للدير سنة 1975م ، وأسس مقراً بابويا في الدير يقضي فيه بضعة أيام أسبوعباً تقريباً ، وبفضل صلواتهما وعملهما الدائم زاد عدد الرهبان ، كما حدثت أهتم بالتعمير والإنشاءات من قلالي "مساكن" للرهبان ، ومكتبة ضخمة للإطلاع ، وحفر الأبار وعمل الصهاريج لمياة الشرب ، والإهتمام بالزراعة وتربية الماشية ، وإنشاء مساكن للعمال وتوفير الرعاية الروحية والصحية لهم ، وعمل عيادات وصيدلية وقصر بمنارة شاهقة ومضايف وبيوت خلوة للضيوف .
كما تم بناء كاتدرائية كبيرة بالدير ومما يذكر أنه تم إعداد وعمل طبخ وزيت الميرون أربع مرات في الدير عام 1981م ، 1987م ، 1990م ، 1995م . لكي يوزع علي الكنائس بمصر والخارج ، ومازال عمل الرب ينمو ويزداد في كنيسته المقسة .
بركة القديسين الأنبا بيشوي و الأنبا بولا الطموهي اللذان حتى الأن تحدث الكثير من المعجزات من جسديهما الطاهرين ، وبصلواتهما أمام عرش النعمة ، بركة صلواتهما وشفاعتهما تكون معنا وتثبتنا في المسيح يسوع ولربنا المجد الدائم إلي الأبد آمين .

هناك تعليقان (2):

  1. **************والآن إلى حق الضمير *************
    لست أعني بالضمير هنا الوظيفة النفسية التي تثير في الإنسان الندم على شر أرتكبه أو تحفيزه إلى خير تقاعس دونه .
    إنما تعني بالضمير الإنساني في مقامنا هذا غاية أبعد ومعنى أرحب .
    نعني به في عبارة واحدة موجزة : ( الإنسان في وجوده الحقيقي ))
    هذا هو الضمير الإنساني الذي سنرى كيف حمى المسيح حقه ورفع محمد لواءه .
    إن الذي قال :لم يخلق الإنسان من أجل السبت وإنما خلق السبت من أجل الإنسان. جدير بأن يكون صاحب فضل عظيم في تحرير الضمير البشري ..
    ولقد قالها الضمير المسيح .. ولا أكاد أعرف عبارة تلخص حقوق الضمير البشري وتعلن جلاله أوفى من هذه الحكمة العظيمة الفذة ..
    ولنبدأ من البداية ..
    حين تقدم المسيح ليعانق دوره العظيم ويبلغ رسالات ربه . كان الضمير الإنساني في هذه الرقعة من الأرض
    التي يسير عليها مصفدا بأغلال مبهومة وثقيلة ..
    كانت "المساومة " تمحقه وتذله
    فكل سكينة نفس ..
    كل طمأنينة قلب ..
    كل مغفرة ترتجى ..
    كل فضيلة تلتمس ..
    كل حرية تراد ..
    يتقاضى عليها رؤساء الكهنة أجرا..
    كل عطاء ديني بثمن ..دخول الهيكل بثمن ..التماس البركة بثمن ..الصلاة للرب بثمن .
    وهكذا يترنح الضمير في لوثات مساومة موحلة ومتاجرة مسعورة حتى تحول إلى ((آلة حاسبة)) كل عملها أن تحصي موبقات أصحابها ..ثم تحصي أثمان مغفرتها وكفارتها ..
    هذا أول ..
    ** كذلك كان الضمير "مجمدا" لحساب أهواء وتقاليد لاتسمح له بمناقشتها ولا باستحسان غيرها حتى لو يكون خيرا منها ..ويرزح تحت وصاية غبية يقيمها حراس هذه التقاليد وسدنتها وهكذا عاش الضمير في كبت قاتل لايملك حق المعارضة ولاحق التعبير عن نفسه لايستيطع أن يناقش مساوىء الحكام لأن حكام "روما" وجنودها لايرحمون من يفعل .ولايجرؤ أن يناقش خرافات الكهان وضراوة التقاليد لأن الكهان أشد قساوة وغلظة
    **وشيء آخر ..فالضمير البشري كان في هذه البيئة يعاني اختناقا مريرا ..كانت عنصرية ضيقة بغيضة تحتبسه داخل كفها المظلم بعيدا عن هواء التسامح المنعش والإخاء الرطيب الحاني .. ذلك ان شعب الله المختار كما كان اليهود يسمون انفسهم يعيش داخل مركب نقص شنيع ..يوحي إليه دائما أنه خلق ليحكم العالم ويسود الأرض ..
    وأنه أشرف من كل الأجناس والألوان والأمم .
    وأنه ينبغي بل يلزمه أن يصون دمه وسلالالته عن التلوث بالدخلاء.
    والدخلاء هم جميع بني آدم من غير اليهود .
    ولا شيء يفني الضمير الإنساني ويمحقه مثل تفكير من هذا النوع وحياة من ذلك الطراز .
    والآن يتقدم "روح الله " المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام ليحرر ضمير الإنسان في تلك الرقعة وفي ذلك الزمان من ويلات أسره
    وظلمات سجنه
    ولتظل كلماته ومواقفه التي سيحرر بها الضمير نبراسا للبشرية ودستورا حافزا مضيئا لكل البقاع
    وكل الأزمان .
    بدأ، فأنقذ الضمير من وطأة المساومة وحرره من ربقة النفعية . وإذا كان هذه المساومة تعتمد على التخويف الديني وتستغل الضعف الإنساني أدنأ إستغلال
    فقد بدأ عمله هنا ببعث الثقة في رحمة الله ومغفرته ..
    كما دغدغ ضراوة الشعور الحاد بالذنب حين يكون هذا الذنب فرديا .. أما يكون إثما "جماعيا"أي رذيلة ((طبقة خاصة)) تحقق لهذه الطبقة نفعا أو إمتيازا
    أو سلطانا غير مشروع .. فانه يدمدم ولايتسامح ..

    ردحذف
  2. **************محمد والمسيح معا من أجل الإنسان****
    ********************************************
    في مشهد آخر للمسيح نشهد له هذا الموقف فتغمرنا
    حرارة مودته ، ودفء حنانه ونجد فيه الأب ، والأخ ،والصديق
    والقلب الكبير .. الكبير ..السمح ..السمح ..
    ذات يوم دعاه أحد الفريسين إلى طعامه وإذ هو جالس ينتظر الطعام اقتحمت عليه الدار في اضطراب وتعثر إمرأة . لم تكد تبصره حتى أكبت على قدميه تغسلهما بدموعها ثم تجففهها بشعر رأسها ثم تعود فتضمخهما بطيب كان معها . ويجيء الفريسي من داخل داره فيرى المشهد ويبصر المرأة فيعرفها ..
    إنها واحدة من بائعات الهوى ويفرك يديه مسرورا
    فهذه فرصة طيبة لأختبار المسيح فان يك مسيحا حقا
    فسيعلم الآن من هذه التي تلمسه وتقبل قدميه .
    ويقرأ المسيح حديث نفسه هذا .. ويلقى عليه وعلى الدنيا درسا موجها الحديث إلى تلميذه "سمعان"
    وكان ساعئتذ معه :
    (( ياسمعان ..
    (( عندي شيء أقوله لك ))
    (( قل يامعلم ، ))
    (( ويستأنف المعلم العظيم حديثه ))
    (( كان لمداين مديونان.
    (( على احدهما خمسمائة دينار .. وعلى الآخر خمسون.
    وإذا لم يكن لهما مايوفيان ،سامحهما جميعا.
    (( فقل : أيهما أكثر حبا ؟
    ويجيب : ((سمعان))
    (( أظن الذي سامحه بالأكثر ))
    ويقول السيد المسيح :
    (( بالصواب حكمت ))
    ثم يلتفت شطر الإنسان شطر المرأة الخاطئة ..
    التي ذهب عنها "الشرير" وبقى فيها "الإنسان"
    ويقول لها وعلى شفتيه الودودتين إبتسامة كضوءالفجر
    (( إيمانك قد خلصك إذهبي بسلام))
    أي قلب ذكي كان يحمله المسيح ؟
    وأي بر بالضمير الإنساني أسخى من هذا البر ؟
    أي صداقة تشد أزر الإنسان في ضعفه ، أوفى من هذه الصداقة ؟
    وموقف آخر يعمق به هذا الفهم في وعي الناس ويطالبهم أن ينتهجوه ويتخذوا منه سلوكا
    يسأله "بطرس":
    ((كم مرة يخطيء إلي أخي وأغفر له ؟ هل إلى سبع مرات ؟
    ويجيبه المسيح :
    (( لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة ))
    وعلى طريقته العذبة السديدة يضرب مثلا فيقول :
    (( يشبه ملكوت السموات ، إنسانا ملكا ، أراد ان يحاسب عبيده .. فلما ابتدأ في المحاسبة ، قدم إليه واحد مديون بعشرة آلاف وزنة ..وإذ لم يكن له مايوفي أمر سيده أن يباع هو ، وامرأته ، وأولاده، وكل ماله ، ويوفي الدين .
    (( فخر العبد وسجد قائلا : ياسيد تمهل علي فأوفيك الجميع .
    (( فتحنن سيد ذلك العبد ، وأطلقه وترك له الدين))
    (( ولما خرج ذلك العبد وجد واحدا من العبيد رفقائه كان مديونا له بمئة دينار فأمسكه وأخذ بعنقه قائلا : أوفني مالي عليك ..
    (( فخر العبد رفيقه على قدميه وطلب إليه قائلا :
    تمهل على فأوفيك الجميع ..فلم يرد بل مضى وألقاه في سجن حتى يوفى الدين .
    (( فلما رأى العبيد رفقاؤه ..ماكان حزنوا جدا
    وأتوا وقصوا على سيدهم ما جرى .
    (( فدعاه حينئذ سيده وقال له : أيها العبد الشرير
    كل ذلك الدين تركته لك لإنك طلبت إلي ..أفما كان ينبغي إليك أنت أيضا ترحم العبد رفيك كما رحمتك أنا .هكذا يقيم المسيح بين الناس تكافلا وتضامنا ضد الآثام التي هم فيها سواء وشركاء ..وضد وطأتها الضاغطة على الضمير البشري تتخذة أداة تحقير له وإذلال :
    (( إن فرح السماء بخطىء واحد يتوب ، أكثر من تسعة وتسعين بارا لايحتاجوت إلى توبة ))
    (( إغفروا كان لكم على أحد شيء لكي يغفر لكم أيضا أبوكم الذي في السموات ))

    ردحذف