بإسم الهنا القدوس واهب الفرح و السلام و النشوة الروحية يسوع المسيح
موضوع اليوم عن الفرح السماوى الذى هو يوم زفاف الابرار الى الملكوت الابدي و الذى به ينتهى الحزن و التنهد ليكون لنا أفراح ابدية و اقصد هنا أفراح على المستوى الروحى و ليس على المستوى الجسدى لان فى هذا اليوم ستزف الكنيسة ابنائها الى العريس السماوى الذى هو السيد المسيح الذى سيقول للنفس البارة ان تدخل الى فرح سيدها لنتشارك جميعا فى على مائدة الخمر السماوى الذى سنشربه مع ربنا يسوع المسيح فى ملكوته الابدى و الخمر السماوى هو اشارة للفرح و الدفء و السعادة الابدية من بعد ان انتهت ايام الاضطهادات و العذابات و الظلم و التى قد تحملها الابرار من اجل اسم ( يسوع المسيح )
لكن لنتعرف على تدرجات الفرح
- لقد كان من المعروف و المتبع فى الافراح التى كان يقيمها اليهود فى العهد القديم ان على العروسين ان يقدما صوما و يعترفا بخطاياهم و فى يوم الفرح تقدم الخمر اشارة لمشاركة الجميع فى الفرح لان الخمر هى من العصير المتخمر و الذى شاربه يشعر بنوع من السعادة و اللذة و ايضا يشعر بالدفئ و ايضا تتحول بشرته الى الحمرة نتيجة لتدفئة الدماء و ايضا هى حمراء اللون اشارة الى دم السيد المسيح و الذى شاربه يعيش الفرح السماوى و هى على الارض
و قد كان فى العهد القديم واجب على الكاهن ان يسكب الخمر مع الذبيحة و ذلك تمهيدا للعهد الجديد الذى الشاربون فيه من الخمر التى تحولت الى دم المُخلص هم ابناء الملكوت الذين بقوته ( دم المسيح ) استطاعوا ان يتوبوا عن الخطايا وهذا سيتم شرحه فى باقى المقالة بنعمة ربنا
و لكن لنرى ما هى اوامر الله للكاهن فى العهد القديم
(( 10 وَخَمْرًا تُقَرِّبُ لِلسَّكِيبِ نِصْفَ الْهِينِ وَقُودَ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ.- عدد 15 )) و نلاحظ هنا استخدام كلمة "سكيب " للخمر
1- الخمر يشير للفرح. فرحهم بعبادة الرب وفرح الرب بعبادتهم وقرابينهم.
2- يشير السكيب لدم المسيح الذى سفكه على عود الصليب والذى أعطاه لتلاميذه ليشربوه.
و ايضا نجد القديس بولس استخدم تعبيره عن السكيب لذاته فى فيلبى الاصحاح الثانى (( 17 لكِنَّنِي وَإِنْ كُنْتُ أَنْسَكِبُ أَيْضًا عَلَى ذَبِيحَةِ إِيمَانِكُمْ وَخِدْمَتِهِ، أُسَرُّ وَأَفْرَحُ مَعَكُمْ أَجْمَعِينَ. 18 وَبِهذَا عَيْنِهِ كُونُوا أَنْتُمْ مَسْرُورِينَ أَيْضًا وَافْرَحُوا مَعِي.)) و نجده يتكلم عن الفرح فيقول " وَافْرَحُوا مَعِي " و هو هنا لم يتكلم عن الخمر و لكنه تكلم عن نوع خاص من الشعوربالفرح بدون شرب الخمر !! فما هو مصدر هذا الفرح الذى يقصده !!؟ نجد هذا قد كلمنا عنه القديس مكاريوس الكبير عندما حدثنا عن الفرح "" و قبل ان ننهى صلواتنا تتهلل ارواحنا لاننا تواجدنا فى حضرته الالهية و التى لها شعور عجيب من النشوة كشاربى الخمر السكارى كما يقول لنا "القديس ابو مقار العظيم ابو الرهبنة "و هذا الشعور يعرفه من يتلون المزامير بانتظام . و بهذا نحن نختبر شعور الحياة الابدية من الشعور بالنشوة الروحية و نحن ما زلنا فى اجسادنا الترابية على الارض ""و هذا ما قاله لنا ايضا ابونا القديس" متى المسكين "
- و من الاشارات العجيبة عن هذا الفرح ما كلمنا عنه القديس يوحنا و الذى كان شاهد لمعجزة عملها السيد المسيح بناء على طلب العذراء لتكشف لاهوته لتلاميذه الذين كانوا لم يؤمنوا به بعد و لكن ايضا من العجيب ان اول معجزة يفعلها السيد المسيح كانت فى ليلية فرح و فى بيت عرس و الذى كان فى قانا الجليل (( 7 قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8 ثُمَّ قَالَ لَهُمُ:«اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9 فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10 وَقَالَ لَهُ:«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». 11 هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ.- يوحنا 2 ))
- و العجيب ان اول معجزة له تكون بتحويله عناصر المياة لتصير خمر بناء على امره - اليس هذا نوع من السلطان على عنصر طبيعى و هو الماء !!!
- و لكن ما الدلالة التى اراد السيد المسيح ان يوصلها لنا نحن حاملين اسمه اى "" المسحاء من القدوس "" من تواجده فى ليلة عرس ليفرح مع العروسين و ايضا يشارك الجميع فى النشوة و السعادة و لكن سعادة من نوع فريد لا يعرفها غير من زرفوا دموع التوبة امام الله ليسمعوا صوته الحنون فى اذنهم (( نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.- متى 25 ))
- هذا السعادة هى عربون لسعادة ابدية وعدنا بها عندما قال لنا فى متى 26 (( 27 وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً:«اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، 28 لأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 29 وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هذَا إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي».
و لا اجد اروع مما قاله سليمان النبى عندما تمتع بهذا الحب و الذى اعطاه هذا النشوة الروحية لينطلق شعوره ليتحول الى حروف تعيشها كنيستنا القبطية معبرا عنها فى نشيد الاناشيد فى اول اصحاح واصفا شعور الآب الحنون الذى وقع على عنق الابن الضال بعدما رجع اليه نادما على خطاياه ليقبله هذا الاب الحنون(( 2 لِيُقَبِّلْنِي بِقُبْلاَتِ فَمِهِ، لأَنَّ حُبَّكَ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ. 3 لِرَائِحَةِ أَدْهَانِكَ الطَّيِّبَةِ. اسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ، لِذلِكَ أَحَبَّتْكَ الْعَذَارَى. 4 اُجْذُبْنِي وَرَاءَكَ فَنَجْرِيَ. أَدْخَلَنِي الْمَلِكُ إِلَى حِجَالِهِ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِكَ. نَذْكُرُ حُبَّكَ أَكْثَرَ مِنَ الْخَمْرِ. بِالْحَقِّ يُحِبُّونَكَ.)) حقيقى يا الهى مراحمك الكثيرة جداً جعلتنا بالحق نحبك .
اذكرنى يا الهى انا عبدتك متى جئت فى ملكوتك