مدونة غيورة القبطية
كيف نعيش حياة السمائيين و نحن فى عالم ملئ بالشرور
اخوتى و ابنائى فى المسيح يسوع , اوقات كثيرة نتعرض لتجارب قد نشعر فيها بمدى قساوة الله علينا , و بمدى بعده عنا و كأنه لا يرى المصائب التى تحل علينا الواحدة تلو الأخرى لدرجة أننا فى صلواتنا نكاد أن نصرخ طالبين منه أن ينظر الى مذلتنا , و كلما صرخنا كلما ضاقت بنا , لدرجة أن فكرة الذهاب لأب الإعتراف قد لا تكون مجدية لسبب أن الكثيرين منهم فى تلك الأيام اصبحوا مشغولين و قد يطالبونا بالذهاب فى يوم آخر , غير مبالين بأن الذى يريد الاعتراف قد يكون تحت وطئ تجربة مريرة , فنعود و نقف أمامه و نقول له , يا رب ماذا تريد أن افعل لتنظر الي , فنجد وميض يظهر ثم يقترب فى سلسلة من الافكار لامور قديمة لخطايا نكون قد سقطنا فيها و لكننا فى وقتها لم نشعر بأن ما اقترفناه هو خطية - مثل التجبر على انسان اضعف منا , أو الاهانة و الجرح لانسان كان من المفروض أن نكن له الاحترام لمشاعره حتى و لو كان الحق معنا ,و لكننا قد تهاونا , و لم ننظر الى المذلة و الضعف التى قد جعلناه يشعر بها
و للاسف لم نعرف أن فى وقتها قد يكون هذا الانسان الذى قد نكون السبب فى قهره ,أنه قد يكون وقف شاكياً منا امام الله ,من الظلم الذى وقع عليه منا , بل فقد نكون فى نفس الوقت الذى يقف فيه شاكياً لله ,نكون نحن نقف متباهين بكيفية انتصارنا عليه , بلا رحمة و لا شفقة
فالكثير منا يا اخوتى عندما يقلب فى اوراقه القديمة قد يجد أنه فعل هذا الشئ المكروه أمام عين الله فى عنفوانه أى انه قد ظلم انسان ,و أنه من بعد مرور السنوات يكتشف أنه لم يقدم عن تلك الخطية " التوبة و الندم بالبكاء و النحيب أمام الله " فى وقتها , فتمر السنوات , دون أن يعترف بجريمته فى وقت سقوطه فيها ,وعندما يسمح الله له بأن يمر بنفس التجربة و لكن يكون هو الطرف المُعتدى عليه و يبدأ يشعر بضعفه خاصه عندما يلتجئ للقضاء الذى لأهل العالم فلا ينصفه ( و هذا ايضاً بسماح من الله لعلنا نتذكر خطايانا التى لن نقدم الندم على فعلها) , و مع الاستمرار فى السقوط ,قد يفكر الانسان فى كل الحيل الشيطانية ,لعل واحدة منها تنجح ليبث سموم غضبه و لينال قوة الانتقام و التشفى لغليله من عدوه - و لننظر الى رأى القديس " اوغسطينوس " ( إن كآبة المظلوم لأفضل من غبطة الظالم.) و يقول داود النبى ( 6اَلرَّبُّ مُجْرِي الْعَدْلَ وَالْقَضَاءَ لِجَمِيعِ الْمَظْلُومِينَ. 7عَرَّفَ مُوسَى طُرُقَهُ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ أَفْعَالَهُ. 8الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ. 9لاَ يُحَاكِمُ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَحْقِدُ إِلَى الدَّهْرِ ) مزمور 103
- و نحن نعرف أن الله عادل و لا ينسى خطايانا طالما نحن لم نعترف بها و لذلك من محبته قد يسمح لنا بأن نشرب من نفس الكأس لعلنا نتذكر و نعترف و لكن لم تنتهى التجربة بهذا لأنك هنا قد تقول أنا استحق ما يفعله معى فلان من ظلم و لكنك فى الحقيقة تنازعك مشاعر الانتقام من هذا الانسان و قد تفكر فى اساليب مُجرد التفكير فيها فقط فهو خطية عظيمة أمام بر و قداسة الله , لان الله يعلمنا قائلا ( 15كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. 16بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ ( السيد المسيح ) لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ.) رسالة يوحنا الاولى الاصحاح 3
* و الغضب الباطل يا اخوتى قد يكون بسبب المال او المقتنيات أو المصالح العالمية و هى نفاية أولاً و آخراً
- فعند مرورنا بمثل تلك التجارب الصعبة جدا و التى نشعر أن لنا حقوق قد تغتصب و نحن متمسكين بها فنجد ان الشيطان يتلاعب معنا من خلال اشخاص سمح الله بأن يقفوا فى طريق سلامنا لتعيد علينا امور تشابها قد تناسيناها فى فترات حياتنا الماضية - فنجد الله يطالبنا بأن نسامح هؤلاء المعتدين علينا و نجد الله يطالبنا بان نغلبهم بالخير كما جاء فى رسالة يوحنا الثالثة ( 11أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ. ) بل نجد الله يطالبنا بالبكاء من اجل المسيئون الينا لعلهم يخلصون ,كما بكى ربنا يسوع المسيح على مدينة اورشليم
- لذلك يا اخوتى لوعرفنا فضل الله علينا من تلك التجارب و مقصده منها , لفهمنا أن الآلام في التجربة تمحصنا كما تمحص النار المعادن. كلما ازداد لهيب النار تأججاً كلما زادت نسبة النقاوة. فبقسط معين من النار يتحول الرمل إلى زجاج. وإذ تزداد قوته يتحول الزجاج إلى كريستال غالي القيمة. وإذ اشتدت قوة النيران بصورة أكبر تحول الكرستال إلى ماس تُرصع به التيجان.و سيتحول كل جرح فيك إلى لؤلؤة تُرصع إكليلك الأبدي. و كما هو مكتوب ( 5الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالاِبْتِهَاجِ. 6الذَّاهِبُ ذِهَاباً بِالْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ الزَّرْعِ مَجِيئاً يَجِيءُ بِالتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ. ".) مزمور 126
- فلذلك نجد أن ما يحدث لنا فى حياتنا من مواقف هو ليس مجرد صدفة, بل هو بترتيب من الله و قد يسمح لنا بالسقوط فى الخطية نفسها لكى نشعر بلذة الرجوع اليه بالتوبة بالبكاء على خطايانا و التى ارتكبناها بجهالة و عند الشعور بالندم الحقيقى نبدأ نشعر بمدى قرب الله لنا فى تلك اللحظات التى نشعر فيها بضعفنا و مدى احتياجنا اليه
و يا للعجب يا اخوتى عندما يسكب الله المحبة فى قلوبنا تجاه من يضايقوننا فى تلك اللحظة ,و الذى كنت فى يوم من الايام قد سقطت فى خطية طلب لعنة الله عليهم , بل و تغيير طريقة الفكر فيهم وصولاً الى النظر اليهم بعين الشفقة والمحبة و الصلاة لأجلهم , لأنهم صنعة يد الله و لكنهم سقطوا فى يد ابليس اللعين و الذى جردهم من كل مشاعر الرحمة و المحبة,التى ارادها الله أن تسكن فيهم
**لذلك هذا الشخص الذى كنت افكر فيه كعدو لى - هو يسكن فيه روح الله و لذلك فألله لا يريد له الهلاك بل النجاة من هاوية الجحيم الابدى و الخلاص بالفداء الذى من حقه أن يستمتع به كإبن لله مثلى لأن الله قد اشتراه بدمه المسفوك على الصليب
و اليكم يا اخوتى أقوال الاباء القديسين عن احتمال الضيقات
فلذلك الشياطين إذا رأوا إنساناً قد شُتم أو أُهين أو خسرما له قيمة فى العالم ولم يغتم بل احتمل بصبر وجلد, فإنها ترتاع منه ,لأنها تعتقد وتعلم بأنه قد سلك في طريق الله. أبو مقار
من هرب من الضيقة فقد هرب من الله. الأنبا بولا
كل الضيقات والأحزان التي ليس فيك عليها صبر واحتمال فإن عقابها متضاعف وصبر الإنسان يزيل مصائبه لأنه أم العزاء. مار إسحق
عظة للقديس يوحنا ذهبى الفم
لا تدعِ علي أعدائك وتطلب من الله هلاكهم!
المستمع القاسي القلب، اذ له مثل هذا الآب السماوي، عليه أن لا يسلك سلوكاً ارضياً، لأن دعوته هي من السماء. لأننا لا ينبغي أن نكون أولاده بالنعمة فقط لكن بأعمالنا أيضاً، ولا شئ يجعلنا متشبهين بالله بقدر أن نمنح غفراناً للأشرار ولكل الذين يسيئون الينا …
فكم يستحقون العقاب الذين بعد كل هذا ليس فقط لا يغفرون، بل يدعون الله لكي ينتقم من أعدائهم!… المحبة هي أصل كل صلاح… ولكي نتخلص من خطايا كثيرة أعطانا الله طريقاً سريعاً وسهلاً، لا يجلب علينا أي متاعب(المغفرة)، فهل يصعب عليك أن تغفر للذي أخطأ اليك؟! انك لا تحتاج أن تجوب البحار، ولا أن تسافر أسفاراً طويلة، ولا أن تتسلق قمم الجبال، ولا أن تقترض نقوداً، ولا أن تعذب جسدك، بل يكفي فقط أن تبغيها وسوف تُمحَي كل خطاياك.
فأي رجاء لك لتخلص ان كنت لا تغفر لعدوك! بل بالاضافة الي ذلك تصلي الي الله ضده! لربما تظهر كأنك تصلي بينما انت في الحقيقة تصرخ بصراخ “وحشي” وتحول سهام الشرير الي نفسك!… فكيف تكون في حاجة الي رحمة الله وتتمسك بغضبك! بالرغم من انك تعرف جيداً أنك بموقفك هذا تصوب سهام الشرير (الشيطان) الي ذاتك! متي تصير اذن محباً؟! ومتي تطرد عنك هذا السم الشرير؟!
اذا يأتي اليك شخص يطلب رحمتك جاثياً علي الارض ثم وقتما انتهي من توسله هذا رأي عدوه قادم فنهض للتو وأخذ يضربه ويهدده! ألن تغضب منه أكثر مما كنت؟… تأمل… فان نفس الأمر يحدث بينك وبين الله! فبينما أنت تتضرع الي الله، اذ بك تترك تضرعك وتضرب بكلامك عدوك! بل تفعل أكثر من هذا اذ انك تحرض المُشَرّع (الله) حتي يصب جام غضبه علي الذين يسيئون اليك! وكأنك لا تكتفي بأن تخالف ناموس الله بل تريد أن يفعل الله نفس الأمر!! هل نسيت كل ما أعلنه لنا!! أتظن أن الله مثل الانسان؟…
لا تقل لي انك لم تغرس اسنانك في جسد الذي أساء اليك، فانك قد فعلت شيئاً سيئاً جداً، وذلك عندما أعلنت رغبتك في أن يسقط فوقه غضب السماء، لأنك تود أن تسلمه لعقاب أبدي! وتود أن تدمره هو وكل عائلته! اليس هذا الأمر هو اسوأ من كل اللدغات؟! أليس هو أكثر الماً من كل النبال؟! ألم يعلمك المسيح بأن مثل هذه الأمور هي أسوأ من الأفواه الملطخة بالدماء؟! كيف بعد ذلك تريد أن تقترب من الذبيحة؟! وكيف لك أن تتذوق دم الرب؟! فانك عندما تصلي وتقول: “اسحقه! دمر بيته! دمره من كل جهة !”، فأنت لم تختلف في شئ عن أي “قاتل”! ولا اختلفت بشئ عن أي “وحش مفترس! ليتنا نوقف هذا المرض وهذا الهوس! ودعونا نقدم محبة للذين اساءوا الينا، لكي نصير متشبهين بالهنا السماوي …
فان كنا نلعن أعدائنا في صلواتنا ! فمن أين ننال رجاء الخلاص؟ هل سنناله من الخطايا التي نفعلها؟!! بل ونضيف اليها هذا الهذيان الذي نقوله في الصلاة!! ليتنا نطرد السموم من داخلنا، ونصلي كما يليق بنا. دعونا ننال “هدوء الملائكة” بدلاً من “ضوضاء الشياطين”، ليتنا نلجم غضبنا أمام كل المظالم التي أصابتنا طالما نحتفظ في ذهننا بالأجر الذي سوف ينتظرنا بعد تنفيذ الوصية، ليتنا نكبح جماح الأمواج لكي نقضي الحياة الحاضرة بلا اضطراب حتي نصل الي الرب.
ولو كان هذا الأمر نعده ثقيل ومخيف، فدعونا نجعله خفيفاً ومحبوباً، ليتنا نفتح كل الأبواب البهية المؤدية نحوه. حتي ان ما لم نحققه بالكف عن خطايانا يمكننا ان نحققه بأن نصير مسالمين تجاه هؤلاء الذيين يذنبون الينا، وهذا ليس ثقيلاً ولا صعباً، اذ باحساننا الي الأعداء نكون جديرين برحمته الجزيلة علينا. وبفعلنا هذا في هذه الحياة سوف يحبنا الجميع وسيحبنا الله أكثر من الجميع، سوف يحبنا ويكللنا ويجعلنا مستحقين للخيرات العتيدة والتي جميعنا ننالها بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة الي أبد الآبدين. آمين.
كيف نعيش حياة السمائيين و نحن فى عالم ملئ بالشرور
اخوتى و ابنائى فى المسيح يسوع , اوقات كثيرة نتعرض لتجارب قد نشعر فيها بمدى قساوة الله علينا , و بمدى بعده عنا و كأنه لا يرى المصائب التى تحل علينا الواحدة تلو الأخرى لدرجة أننا فى صلواتنا نكاد أن نصرخ طالبين منه أن ينظر الى مذلتنا , و كلما صرخنا كلما ضاقت بنا , لدرجة أن فكرة الذهاب لأب الإعتراف قد لا تكون مجدية لسبب أن الكثيرين منهم فى تلك الأيام اصبحوا مشغولين و قد يطالبونا بالذهاب فى يوم آخر , غير مبالين بأن الذى يريد الاعتراف قد يكون تحت وطئ تجربة مريرة , فنعود و نقف أمامه و نقول له , يا رب ماذا تريد أن افعل لتنظر الي , فنجد وميض يظهر ثم يقترب فى سلسلة من الافكار لامور قديمة لخطايا نكون قد سقطنا فيها و لكننا فى وقتها لم نشعر بأن ما اقترفناه هو خطية - مثل التجبر على انسان اضعف منا , أو الاهانة و الجرح لانسان كان من المفروض أن نكن له الاحترام لمشاعره حتى و لو كان الحق معنا ,و لكننا قد تهاونا , و لم ننظر الى المذلة و الضعف التى قد جعلناه يشعر بها
و للاسف لم نعرف أن فى وقتها قد يكون هذا الانسان الذى قد نكون السبب فى قهره ,أنه قد يكون وقف شاكياً منا امام الله ,من الظلم الذى وقع عليه منا , بل فقد نكون فى نفس الوقت الذى يقف فيه شاكياً لله ,نكون نحن نقف متباهين بكيفية انتصارنا عليه , بلا رحمة و لا شفقة
فالكثير منا يا اخوتى عندما يقلب فى اوراقه القديمة قد يجد أنه فعل هذا الشئ المكروه أمام عين الله فى عنفوانه أى انه قد ظلم انسان ,و أنه من بعد مرور السنوات يكتشف أنه لم يقدم عن تلك الخطية " التوبة و الندم بالبكاء و النحيب أمام الله " فى وقتها , فتمر السنوات , دون أن يعترف بجريمته فى وقت سقوطه فيها ,وعندما يسمح الله له بأن يمر بنفس التجربة و لكن يكون هو الطرف المُعتدى عليه و يبدأ يشعر بضعفه خاصه عندما يلتجئ للقضاء الذى لأهل العالم فلا ينصفه ( و هذا ايضاً بسماح من الله لعلنا نتذكر خطايانا التى لن نقدم الندم على فعلها) , و مع الاستمرار فى السقوط ,قد يفكر الانسان فى كل الحيل الشيطانية ,لعل واحدة منها تنجح ليبث سموم غضبه و لينال قوة الانتقام و التشفى لغليله من عدوه - و لننظر الى رأى القديس " اوغسطينوس " ( إن كآبة المظلوم لأفضل من غبطة الظالم.) و يقول داود النبى ( 6اَلرَّبُّ مُجْرِي الْعَدْلَ وَالْقَضَاءَ لِجَمِيعِ الْمَظْلُومِينَ. 7عَرَّفَ مُوسَى طُرُقَهُ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ أَفْعَالَهُ. 8الرَّبُّ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ. 9لاَ يُحَاكِمُ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَحْقِدُ إِلَى الدَّهْرِ ) مزمور 103
- و نحن نعرف أن الله عادل و لا ينسى خطايانا طالما نحن لم نعترف بها و لذلك من محبته قد يسمح لنا بأن نشرب من نفس الكأس لعلنا نتذكر و نعترف و لكن لم تنتهى التجربة بهذا لأنك هنا قد تقول أنا استحق ما يفعله معى فلان من ظلم و لكنك فى الحقيقة تنازعك مشاعر الانتقام من هذا الانسان و قد تفكر فى اساليب مُجرد التفكير فيها فقط فهو خطية عظيمة أمام بر و قداسة الله , لان الله يعلمنا قائلا ( 15كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ كُلَّ قَاتِلِ نَفْسٍ لَيْسَ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ ثَابِتَةٌ فِيهِ. 16بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ ( السيد المسيح ) لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ.) رسالة يوحنا الاولى الاصحاح 3
* و الغضب الباطل يا اخوتى قد يكون بسبب المال او المقتنيات أو المصالح العالمية و هى نفاية أولاً و آخراً
- فعند مرورنا بمثل تلك التجارب الصعبة جدا و التى نشعر أن لنا حقوق قد تغتصب و نحن متمسكين بها فنجد ان الشيطان يتلاعب معنا من خلال اشخاص سمح الله بأن يقفوا فى طريق سلامنا لتعيد علينا امور تشابها قد تناسيناها فى فترات حياتنا الماضية - فنجد الله يطالبنا بأن نسامح هؤلاء المعتدين علينا و نجد الله يطالبنا بان نغلبهم بالخير كما جاء فى رسالة يوحنا الثالثة ( 11أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ. ) بل نجد الله يطالبنا بالبكاء من اجل المسيئون الينا لعلهم يخلصون ,كما بكى ربنا يسوع المسيح على مدينة اورشليم
- لذلك يا اخوتى لوعرفنا فضل الله علينا من تلك التجارب و مقصده منها , لفهمنا أن الآلام في التجربة تمحصنا كما تمحص النار المعادن. كلما ازداد لهيب النار تأججاً كلما زادت نسبة النقاوة. فبقسط معين من النار يتحول الرمل إلى زجاج. وإذ تزداد قوته يتحول الزجاج إلى كريستال غالي القيمة. وإذ اشتدت قوة النيران بصورة أكبر تحول الكرستال إلى ماس تُرصع به التيجان.و سيتحول كل جرح فيك إلى لؤلؤة تُرصع إكليلك الأبدي. و كما هو مكتوب ( 5الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالاِبْتِهَاجِ. 6الذَّاهِبُ ذِهَاباً بِالْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ الزَّرْعِ مَجِيئاً يَجِيءُ بِالتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ. ".) مزمور 126
- فلذلك نجد أن ما يحدث لنا فى حياتنا من مواقف هو ليس مجرد صدفة, بل هو بترتيب من الله و قد يسمح لنا بالسقوط فى الخطية نفسها لكى نشعر بلذة الرجوع اليه بالتوبة بالبكاء على خطايانا و التى ارتكبناها بجهالة و عند الشعور بالندم الحقيقى نبدأ نشعر بمدى قرب الله لنا فى تلك اللحظات التى نشعر فيها بضعفنا و مدى احتياجنا اليه
و يا للعجب يا اخوتى عندما يسكب الله المحبة فى قلوبنا تجاه من يضايقوننا فى تلك اللحظة ,و الذى كنت فى يوم من الايام قد سقطت فى خطية طلب لعنة الله عليهم , بل و تغيير طريقة الفكر فيهم وصولاً الى النظر اليهم بعين الشفقة والمحبة و الصلاة لأجلهم , لأنهم صنعة يد الله و لكنهم سقطوا فى يد ابليس اللعين و الذى جردهم من كل مشاعر الرحمة و المحبة,التى ارادها الله أن تسكن فيهم
**لذلك هذا الشخص الذى كنت افكر فيه كعدو لى - هو يسكن فيه روح الله و لذلك فألله لا يريد له الهلاك بل النجاة من هاوية الجحيم الابدى و الخلاص بالفداء الذى من حقه أن يستمتع به كإبن لله مثلى لأن الله قد اشتراه بدمه المسفوك على الصليب
و اليكم يا اخوتى أقوال الاباء القديسين عن احتمال الضيقات
فلذلك الشياطين إذا رأوا إنساناً قد شُتم أو أُهين أو خسرما له قيمة فى العالم ولم يغتم بل احتمل بصبر وجلد, فإنها ترتاع منه ,لأنها تعتقد وتعلم بأنه قد سلك في طريق الله. أبو مقار
من هرب من الضيقة فقد هرب من الله. الأنبا بولا
كل الضيقات والأحزان التي ليس فيك عليها صبر واحتمال فإن عقابها متضاعف وصبر الإنسان يزيل مصائبه لأنه أم العزاء. مار إسحق
عظة للقديس يوحنا ذهبى الفم
لا تدعِ علي أعدائك وتطلب من الله هلاكهم!
المستمع القاسي القلب، اذ له مثل هذا الآب السماوي، عليه أن لا يسلك سلوكاً ارضياً، لأن دعوته هي من السماء. لأننا لا ينبغي أن نكون أولاده بالنعمة فقط لكن بأعمالنا أيضاً، ولا شئ يجعلنا متشبهين بالله بقدر أن نمنح غفراناً للأشرار ولكل الذين يسيئون الينا …
فكم يستحقون العقاب الذين بعد كل هذا ليس فقط لا يغفرون، بل يدعون الله لكي ينتقم من أعدائهم!… المحبة هي أصل كل صلاح… ولكي نتخلص من خطايا كثيرة أعطانا الله طريقاً سريعاً وسهلاً، لا يجلب علينا أي متاعب(المغفرة)، فهل يصعب عليك أن تغفر للذي أخطأ اليك؟! انك لا تحتاج أن تجوب البحار، ولا أن تسافر أسفاراً طويلة، ولا أن تتسلق قمم الجبال، ولا أن تقترض نقوداً، ولا أن تعذب جسدك، بل يكفي فقط أن تبغيها وسوف تُمحَي كل خطاياك.
فأي رجاء لك لتخلص ان كنت لا تغفر لعدوك! بل بالاضافة الي ذلك تصلي الي الله ضده! لربما تظهر كأنك تصلي بينما انت في الحقيقة تصرخ بصراخ “وحشي” وتحول سهام الشرير الي نفسك!… فكيف تكون في حاجة الي رحمة الله وتتمسك بغضبك! بالرغم من انك تعرف جيداً أنك بموقفك هذا تصوب سهام الشرير (الشيطان) الي ذاتك! متي تصير اذن محباً؟! ومتي تطرد عنك هذا السم الشرير؟!
اذا يأتي اليك شخص يطلب رحمتك جاثياً علي الارض ثم وقتما انتهي من توسله هذا رأي عدوه قادم فنهض للتو وأخذ يضربه ويهدده! ألن تغضب منه أكثر مما كنت؟… تأمل… فان نفس الأمر يحدث بينك وبين الله! فبينما أنت تتضرع الي الله، اذ بك تترك تضرعك وتضرب بكلامك عدوك! بل تفعل أكثر من هذا اذ انك تحرض المُشَرّع (الله) حتي يصب جام غضبه علي الذين يسيئون اليك! وكأنك لا تكتفي بأن تخالف ناموس الله بل تريد أن يفعل الله نفس الأمر!! هل نسيت كل ما أعلنه لنا!! أتظن أن الله مثل الانسان؟…
لا تقل لي انك لم تغرس اسنانك في جسد الذي أساء اليك، فانك قد فعلت شيئاً سيئاً جداً، وذلك عندما أعلنت رغبتك في أن يسقط فوقه غضب السماء، لأنك تود أن تسلمه لعقاب أبدي! وتود أن تدمره هو وكل عائلته! اليس هذا الأمر هو اسوأ من كل اللدغات؟! أليس هو أكثر الماً من كل النبال؟! ألم يعلمك المسيح بأن مثل هذه الأمور هي أسوأ من الأفواه الملطخة بالدماء؟! كيف بعد ذلك تريد أن تقترب من الذبيحة؟! وكيف لك أن تتذوق دم الرب؟! فانك عندما تصلي وتقول: “اسحقه! دمر بيته! دمره من كل جهة !”، فأنت لم تختلف في شئ عن أي “قاتل”! ولا اختلفت بشئ عن أي “وحش مفترس! ليتنا نوقف هذا المرض وهذا الهوس! ودعونا نقدم محبة للذين اساءوا الينا، لكي نصير متشبهين بالهنا السماوي …
فان كنا نلعن أعدائنا في صلواتنا ! فمن أين ننال رجاء الخلاص؟ هل سنناله من الخطايا التي نفعلها؟!! بل ونضيف اليها هذا الهذيان الذي نقوله في الصلاة!! ليتنا نطرد السموم من داخلنا، ونصلي كما يليق بنا. دعونا ننال “هدوء الملائكة” بدلاً من “ضوضاء الشياطين”، ليتنا نلجم غضبنا أمام كل المظالم التي أصابتنا طالما نحتفظ في ذهننا بالأجر الذي سوف ينتظرنا بعد تنفيذ الوصية، ليتنا نكبح جماح الأمواج لكي نقضي الحياة الحاضرة بلا اضطراب حتي نصل الي الرب.
ولو كان هذا الأمر نعده ثقيل ومخيف، فدعونا نجعله خفيفاً ومحبوباً، ليتنا نفتح كل الأبواب البهية المؤدية نحوه. حتي ان ما لم نحققه بالكف عن خطايانا يمكننا ان نحققه بأن نصير مسالمين تجاه هؤلاء الذيين يذنبون الينا، وهذا ليس ثقيلاً ولا صعباً، اذ باحساننا الي الأعداء نكون جديرين برحمته الجزيلة علينا. وبفعلنا هذا في هذه الحياة سوف يحبنا الجميع وسيحبنا الله أكثر من الجميع، سوف يحبنا ويكللنا ويجعلنا مستحقين للخيرات العتيدة والتي جميعنا ننالها بنعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذي له المجد والقوة الي أبد الآبدين. آمين.